السعادة: اختيار شخصي
- زرقاء
- Jan 10, 2019
- 3 min read

يقول جون لينون "وأنا في الخامسة من عمري، كانت والدتي تقول لي دائمًا أن السعادة مفتاحُ الحياة. وعندما التحقت بالمدرسة، سألوني ماذا تريد أن تكون عندما تكبُر، فأجبتهم أريد أن أكون "سعيدًا"، فأخبروني أنني لم أفهم السؤال، فقلت لهم بل أنتم من لا يفهم الحياة". أتذكر قراءتي لهذا الاقتباس منذ بضعة سنوات، وقد غير بجدٍ .فكرتي عن السعادة
السعادة من المفاهيم المعقدة في الحياة التي نادرًا ما نفهمها. لدينا عدد هائل من النظريات والتفسيرات والصيغ التي تسعى لشرح معناها. فما السعادة إذًا؟ وما السبيل إليها؟
نتعامل مع السعادة في العموم باعتبارها شعورًا أو نتيجةً لسببٍ. إن سارت الأمور في الطريق الذي رسمناه؛ نسعَد. إن أدركنا ما نتمناه؛ نسعَد. إن خدمتنا الظروف؛ نسعَد. بطريقة أو بأخرى، شكل سعادتنا يعتمد على طرف آخر، شخصًا كان أو ظرفًا. سعادتنا مرهونة بعوامل خارجية. وربما لهذا السبب، يفتقد كثير منا في حياته السعادة .والرضا
نتعلم منذ الصغر أهمية تحقيق مرادنا، أهمية أن نحلُمَ بالمعالي وأن ننجح في الوصول إليها، ولكننا لم نتعلم يومًا عن مآل هذه الأحلام؟ ماذ سنجني إذا حققناها؟ هل ستقودنا للسعادة؟
أندهش للغاية عندما ألاحظ الناس يُخرِجون السعادة في مواقف كثيرة من المعادلة عند اتخاذ أي قرار في الحياة. كل ما نفعله في حياتنا أو نسعى للوصول إليه - بغض النظر عن طبيعته - سنجد مبتغاه النجاح والترقي الاجتماعي والثراء والراحة. فنادرًا ما تسمع أحدًا يقول لك ينبغي لك أن تفعل كذا لأنه سيُسعِدك أو يسألك هل القرار الذي اتخذته سيجلبُ لك السعادة؟
وهذا سببه أحيانًا أننا نفتقد لفهم الحياة التي نعيشها، ينقصنا الوعي بأفعالنا. هل نعلم ما نريده حقًا؟ الكثير منا يعيش من أجل مكاسب مادية محسوبة تعتمد على عوامل خارجية. في الحقيقة أننا نخفق في فهم أن السعادة شيء داخلي، شيء شخصي.
السعادة تعني معرفتك الجيدة بنفسك، معرفة السبب الأساسي لوجودك، الغرض من حياتك. سعادتك تستلزم ارتباطك بمحيطك، أن تعيش اللحظة بمجامع قلبك وروحك. أن تعرف روحك وتغذيّها بما تريد. معظم الناس يوجَدون فقط، ولكنهم لا يحيون. وثمة فارق بين أن توجَد وبين أن تحيا. أن تحيا تعني الوعي التام بكل ما تفعله، أن تصدر قراراتك بناء على اختياراتك وتفضيلاتك وأن ترضى بهذه القرارات. ربما كانت الخطوة الأولى في طريق السعادة هي أن تسأل نفسك الأسئلة الصحيحة. أن تسألها ماذا تريد أن تكون بدلًا من سؤالها عن المكسب الذي تود الحصول عليه؟
ما الذي تشعر به؟ بدلًا من السؤال عن طبيعة شعور الآخرين تجاهك. ما الذي تريده من الحياة؟ بدلًا من السؤال عن الشيء الذي يريده الآخرون منك. ما الخطوة الصحيحة التي ينبغي اتخاذها وفقاً لما تؤمن به؟ بدلًا من السؤال عن الشيء الذي يشيع بين الناس فعله في موقف ما.
كي تشعر بالرضا عن نفسك، يجب أن تمتلك حياتك أولًا. أي أن تتحمل تبعات جميع أفعالك، تلك التي تفتخر بها وتلك التي تتبرأ منها، أن تقرّ بإنجازاتك وتعترف بأخطائك؛ لكي تشعر أنك اتخذت قراراتك بنفسك. نعم ارتكبت أخطاء، لكنها على الأقل أخطاؤك أنت وأنت من ارتكبها.
ولأن السعادة شعور داخلي، فأعتقد أنها بها شيء من التحدي ويمكن أن يتغير هذا الشعور مع الزمن، وهذا طبيعي. إنها قرار واعٍ تتخذه كفرد. إنها القبول بحقيقة فشل تخطيطك أحيانًا، والإيمان في المقابل بأنك ستستغل ما في جعبتك أفضل استغلال، إن أخفقت في أمر، فهناك دائمًا فرصة أخرى، هناك أمل جديد. ما دمت حيًّا فالأمل موجود.
الرضا الجالب للسعادة يأتي من إيمانك بأنك اتخذت الخطوة السليمة، فعلت ما أردت بأفضل طريقة ممكنة. ولا يشترط أن يكون الشعور بالسعادة مطلقًا بلا تحديد، بل يمكن أن يكون للسعادة تعريف محدد، ولكنه تعريف يختلف باختلاف الشخص بناء على تفضيلاته.
إن أردنا أن نعرف أسباب السعادة فقد نحتاج أولًا لسؤال أنفسنا: ما الذي يجعلني تعيسًا؟ لن تسعى للوصول إلى السعادة إلا عندما تدرك فقط أنك تعيسًا. الخطوة الأولى أن تصارح نفسك بمشاعرك وتمتلك الجرأة على تغيير ما يؤرقك.
السعادة ليست ضربًا من الهوى ولا شعورًا بالحماس، لا تتجسد في ثروة أو في حيازتك لكل ما تريد. السعادة ليست محطة أخيرة تبلغها إن استوفيت كافة المعايير وسلكت جميع الدروب. السعادة رحلة.
السعادة تأتي عندما تكون للحياة معنى، عندما يكون لعلاقاتك وعملك مغزى. تتحقق السعادة عندما يكون الحلم كبيرًا بما يكفي لإشباع روحك ولجعلك صادقًا مع نفسك. الغرض الذي تضعه لحياتك قد يكون غير موضوعي. لكنه غرضك في النهاية.
هناك حالة إنكار للسعادة. السعادة شعور يومي بالتصالح مع حياتك. إن لم تسير الأمور كما رسَمت لها، فغيّرها. فالسعادة ليست شيئًا جامدًا، بل يمكن تحقيقها، إن لم تشعر بالسعادة تجاه الطريقة التي تدير بها حياتك، فاجتهد .في تغييرها
إن لم تشعر بالسعادة في وظيفتك، فغيّرها، أو حاول أن تغيّر نظرتك لبيئة عملك. إن كنت تعيسًا بسبب علاقة ما،\ فاتخذ قرارًا حيالها، واجه المشكلة، ناقشها، غيّرها، ولكن لا تظل مكتوف اليدين. إن كان يراودك حلم، فانهض واجتهد لتحقيقه، ناضل، حاول، تعثّر، وانهض مجددًا حتى تصل إليه.
إن لم يُسرّك حال من أحوالك، فتقبّله وتعامل معه وغيّره. أعني أن تفعل شيئًا حياله حتى ترضى عنه حتى تشعر .بتصالح مع ذاتك. فهذا هو دربك للسعادة
حقوق الصورة:
http://franthony.com/wp-content/uploads/2012/11/happiness.jpg
Comentários